مقدمة في جماليات الخط العربي

الخطوط العربية



هذا بحث في الكتابة العربية أزيح عنه صدأ السنين الماضية وغبار الأيام الخالية…….موجها بؤرة الضوء على فن عريق له شخصيته المميزة وقواعده الصارمة وأصالته القومية الضاربة في عمر الزمن….لأضع أسراره وخفاياه أمام الهواة الراغبين في معرفة أدق تفاصيله وأخص حناياه والتي تخفى على كثير من المتعلمين في بادئ الأمر..وأجعلها أمانة في أعناقهم ووديعة بين أيديهم فيحافظوا على هذا الإرث الحضاري الذي فخرنا به على مر العصور لعله شاهد على الانتماء القومي والوجدان الوطني والمخزون الجمالي والفكري لمجد الأمة العربية الخالد.

أركان الكتابة


1-قوة الأخماس أي الأصابع وإمساك القلم .
2-لمعان النُّقاس سواد الحبر((المداد)).
3-جودة القرطاس أن يكون الورق مصقولاً.
4-حدة الألماس سكين البري وقط القلم.
5-حبس الأنفاس التدريب ومحاكاة الخط الحسن.
1-كيفية إمساك القلم عند الكتابة

أن تكون أطراف الأصابع الثلاث السبابة والوسطى والإبهام على القلم ويكون إمساكه فوق الفتحة بمقدار شعيرتين أو ثلاث وتكون أطراف الأصابع مبسوطة غير مقبوضه لأن بسط الأصابع يتمكن الكاتب معه إدارة القلم ولا يتكئ على القلم الاتكاء الشديد المُضعِفَ له ولا يمسكه الإمساك الضعيف له ولا يمسك الإمساك الضعيف فيُضعف اقتداره في الخط..لكن يجعل اعتماده في ذلك معتدلا.وينبغي للكاتب ألا يكثر الاستمداد بل يمد مدا معتدلا…ولا يحرك الّليقه حتى يستوعب ما فيه من المداد ولا يدخل منه الدواة كثيرا.. بل إلى حد شقه ولا يجاوز ذلك إلى آخر الفتحة ليأمن تسويد أنامله.

2-صناعة المداد ((الحبر))


وقد تفنن العرب في صنع المداد على ضروب ألوانه وأشكاله منها ما يستعمل بأصله ولا يحتاج إلى كبير علاج وتدبير وهو الدخان ويتوخى فيه أن يكون من شئ له دهنية ولا يكون من دخان شيء يابس في الأصل لأن دخان كل شئ مثله وأجود الحبر ما اتخذ من سخام النفط وذلك أن يؤخذ ثلاثة أرطال فيجاد نخله وتصفيته ثم يلقى في قدر ويصب عليه من الماء ثلاثة أمثاله ومن العسل رطل واحد ومن الملح خمسة عشر درهما ومن الصمغ المسحوق خمسة عشر درهما ومن الفص عشرة دراهم

ولا يزال يساط على نار لينة حتى يثخن جرمه ويصير في هيئة الطين ثم يترك في إناء ويرفع إلى وقت الحاجة ويحتاج إلى كافور لتطيب رائحته ويحتاج أى الصبر ليمنع وقوع الذباب عليه وقبل إن الكافور يقوم مقام الملح في غير الطيب.*وفي متناول أيدينا العديد من أشكال الحبر التي تساعد على الكتابة الجيدة وتحفظ بكثير من خواصها لمدة أطول متحمله عاديات الزمن و الرطوبة والشمس…

المحبرة ((الدواة))


محبرة الكاتب شيء مهم في حياته فهو يضع بداخلها الخيوط الحريرية وهي ما يعرف (الّليقة) يضع الحبر فوقها ويستمد المداد منها حتى لا تعطيه الحبر الكثير ولا القليل. وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك إلى زيد رضي الله عنه :أَلق دواتك وانضب الباء وفرق ما بين السين ولا تعورِ الميمَ وحسِّنِ اللهَ ومدّ الرحمن وجوِّد الرحيم,……….وهذان بيتان يرثي أحدهم ابن البواب :

استشعر الكتَّاب فقدك سالفا …………….وقصت بصحة ذلك الأيام



فلذاك سودت الدوي كآبة………….....……أسفا عليك وشقت الأقلام

والمهم أن تكون محكمة الإغلاق ذات قاعدة متينة وفوهة واسعة فالكاتب يحتاج أن يكتب بأقلام عريضة أحيانا .إذا ما وجد الخيوط الحريرية يستبدلها بقطعة إسفنج ويفضل الطبيعي منه.

3-ورق الكتابة ((القرطاس))


يعتبر البردي من أقدم وسائل الكتابة وعرف الورق الصيني وانتقلت صناعته عن طريق سمرقند وامر الرشيد أن يكتب بالكاغد وكان أكبر مقاس للورق الجلد أو البردي الذي ييستعمل للكتاب هو الدرج وهو الملف الكامل وأكبر خط هو الطومار…

تجهيز الورق للكتابة:


1-يضع قدرا ًمن النّشاء مع عشرة أمثاله من الماء على النار حتى يغلي ويحمر لونه.
2-يُطلى الورق بالمزيج ويترك يومين حتى يتم جفافه.
3-يحضر بعض الشبة الناعمة وزلال البيض ويمزجها جيدا.
4-يعيد طلاء الورق بهذا المزيج الجديد ويترك يوما آخر حتى يجف.
5-يصقل الورق بحجر تلميع الذهب حتى يصبح ناعماً وصالحاً للكتابة.

واليوم يوجد في متناول الأيدي العديد من أنواع الورق المصقول التي تصلح للتمرين والكتابة وقد استخدم الكّتاب مرارة البقر وزلال البيض ومواد أخرى لصقل الورق وتسهيل جرّ القلم عليه بالإضافة إعطاء معالم الحروف بالشكل الصحيح.

4-برى القلم


خير الأقلام ما استحكم نضجه في جَرمه ونشف ماؤه في قشره وقُطع بعد إلقاء بذره واصفر لُحاؤه ورق شجره وصلُب شحمه وثقل حجمه.. وأفضل الأقلام ما كان طوله من ستة عشر إصبعاً إلى اثني عشر، وامتلاؤه ما بين غِلَظِ السبابة إلى الخنصر، وأحسن قُدود القلم لا يتجاوز الشبر بأكثر من جلفَتِة ، ومن أحسن بريَ القلم سهُل عليه الخطُّ ؛ وهو أن يكون في القلم الصُّلب أكثر تقعيراَ وفي الرخو أقلُّ وفي المعتدل بينهما، وتبدأ بنزولك بالسكين على الاستواء ثم تميل القطع إلى ما يلي رأس القلم ، ويكون طول الفتحة مقدار عقدة الإبهام أو كمناقيرِ الحمام يقول أبوحيان التوحيدي:

ليكن قلمك صلباَ بين الدقة والغلَظِ ولاتبره عند عقدة فإن فيه تعقيد الأمور ولا تكتب بقلم ملتوٍ ولاذي شق غير مستوٍ واجعل سكينك حادةً ولا تبرِ به غير القلم وليكن مقطك أصلب الخشب لتكون القطة مستويةً فيحتاج الكاتب إلى تجويد بري القلم وإطالة جلِفَته وتحريفِ قطتهِ.

كيف نقطع القلم...؟


1- نحت حوا شيه : يجب أن يكون متساوياَ من جهتي السن معاَ ولا يحمل على إحدى الجهتين فيضعف سنه بل يجب أن يكون الشق متوسطاً بجلفه القلم دق أو غلظ ويجب أن يكون أسفله فيحسن جري المداد في القلم.

2-نحت بطنه: فيختلف بحسب اختلاف الأقلام في صلابة الشحم ورخاوته فأما صلب الشحمة فينبغي أن ينحت وجهه الذي يؤثر الكاتب أن يكتبه أما الرخو الشحمة فيجب أن تستأصل شحمته حتى تنتهي إلى الموضع الصلب من جرم القلم لأنك إن كتبت بشحمته تشظَّي ولم يصْفُ جريانه.

لو كان القلم غير مشقوق ما استقرت به الأنامل ولا اتصل الخط للكاتب ولكثر الاستمداد وعَدُمَ المشقُ ولمال المداد إلى أحد جنبي القلم على قدرٍ قتل الكاتب له...!

واضجعِ السكين قليلا إذا اعزمت على القط ولا تنصبها نصباً ؛ وللقلم وجهٌ وصدرٌ وعرضٌ ، فالوجه حيث تكون السكين وأنت تقطعه وهو ما يلي لحمة القلم، وأما صدره فهو ما يلي قشرته ، وأما عدد الأقلام فيكون بقدر ما يحتاج أثناء الكتابة من السماكة المطلوبة.

سكين البَري


تكون من النوعية الجيدة حادة جداً وخاصة عند استخدامها في نحت بطن القلم وحواشيه وعند القط.
وفي هذه الأيام توجد العديد من المشارط الولاذيه الحادة وأشكال عديدة من أقلام مختلفة الحجوم والأشكال.

5-حبس الأنفاس

خط مخفي في تعليم الأستاذ وقوامة في كثرة المشَقِ ودوامه على دين الإسلام.

والمشق كلمة أتت من مشق الغصن أي نـزع أوراقه الواحدة تلو الأخرى والمعنى أن يكتب المتدرب الحروف والكلمات محاكياً كتابات أستاذه فيصقل خطه وتألق حروفه بالتمرين…

والتمرين يكون مستمراً وبفواصل حتى لا يمل المتعلم المبتدئ وبالطريقة الجميلة والحرفية أي الكلية والجزئية معاً بشرط أن لا يخلط بين أشكال الحروف وعلى المعلم أن يكتب نماذج خطيه لها معنى جميل حتى تترسخ في أذهان التلميذ وبأسلوب جذاب وإثابة المتقدمين وتشجيع المتأخرين حتى لا يشعر بالإحباط وينفروا من الخط والكتابة.. ولا أخفي عنكم سراً أنه عند كتابة أي حرف فيه مد طويل أتوقف عن التنفس حتى لا يظهر الحرف متعرجا ،ً جربْ ذلك..

كلمات لا بد منها..!!

1-لا تكتب من الذاكرة أثناء التمرين إلا إذا أتقنت الحروف وأشكالها .
2-لا تنقل من خطوط رديئة كما في المجلات والجرائد الرخيصة بل من نماذج جيدة لأفضل الكتاب.!ولا تقبل بأقل من ذلك أبداً..
3-لا تترك الحرف الواحد إلا إذا أتقنته تماماً وحاول محاكاة النماذج الخطية الجيدة إلا ظل الخطأ مترسخاً في اللا شعور وعندما تريد تحسين خطك تلقى صعوبة ويحدث ما يعرف بزلات القلم ويعود إلى ما علق في العقل الباطن من سُقم للخط.
4-حافظ على سن القلم الأيمن فجُلُّ الكتابة تكون به ولا تكتب بقلم سيئ .
5-حاول أن تسطر في كل مرة كما في النماذج ليسهل التقويم ولا تكتب بدون سطر أبداً.
6-استخدم الورق الجيد المصقول بالإضافة إلى الحبر الأسود الذي يعطيك معالم الحرف جيداً.
7-عندما تشعر بالملل والسأم اترك الكتابة ثم عد بهمة أعلى وهنا أؤكد على التمرين بفواصل والتمرين المستمر المهمة طويل البال .. فيكون المتدرب حاضر الحواس مكتمل الشعور عالي الهمة طويل البال من كل حرف أو تركيب وبذلك يتقدم تدريجاً.
8-تأكد من قطة القلم المائلة بحيث تلامس الورق من سنها الأيمن إلى الأيسر فيظهر عرض القلم كاملاً وصحة ذلك أن تكتب النقطة على شكل مربع يرتكز على إحدى زواياه .
9-هناك مجموعة من الحروف تكتب بعرضٍ أقل وبتحريف للقلم وهي تحتاج إلى مهارة عالية ويمكن استخدام قلم أقل عرضاً لتأخذ شكلها المطلوب.